//]]> -->

بحث هذه المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

التسميات

الإبلاغ عن إساءة الاستخدام

الثلاثاء، 19 يونيو 2018

الباحث القانوني | ملخص حول المفاوضات العقدية - الجزء الثاني





الإلتزامات الناشئة عن مرحلة التفاوض.
وهي الالتزامات قبل التعاقدية الواجبة الاحترام التي يفرضها القانون على المتفاوضين، لتنظيم المفاوضات حول شروط العقد المراد إبرامه، بهدف التوصل بشأنها إلى اتفاق نهائي، ولتحقيق مصلحة الأطراف وحماية حقوقهم القانونية، وهي التزامات تقوم في الأساس على مبدأ حسن النية، وعدم الانحراف عن الصدق والأمانة والصراحة، والابتعاد عن الغش والخديعة والاحتيال، وتقديم النصح والمشورة وكذا التحاور بجدية وإخلاص، والامتناع عن التفاوض مع الآخرين المنافسين خلال مدة معينة، ما يستدعي الاستعانة بالدراسات الفنية والاستشارات القانونية واللجان الفنية لتفادي المشكلات وحسم المسائل ذات الطبيعة الخاصة بما يكفل تحقيق التفاهم بين أطراف العقد حول العناصر الرئيسية، فإذا نفذا التزاماتهما قبل التعاقدية على أكمل وجه ولم يحالفهما الحظ في إبرام العقد فلا مسؤولية على أي منهما، أما حال إخلال أحدهما ما رتب فشل المفاوضات وسبب ضرر للآخر فيكون مسؤولاً:
1-الإلتزام بالتفاوض بحسن نية؛
2-الإلتزام بالاعتدال والجدية والاستقامة؛
3-الالتزام بالتعاون وضمان السرية؛
4-الالتزام بالإعلام؛
5-الإلتزام بالإدلاء بالبيانات.
         وهي على سبيل المثال لا الحصر أساسها قاعدة حسن النية ومصدرها (اتفاق التفاوض)، وليست واجبات عامة يفرضها القانون مباشرة، ويعتبر حسن النية هو الالتزام الرئيسي، أما الالتزامات الأخرى فهي مكملة أو مساعدة له تقوم بجواره جنب إلى جنب فهي تطبيقات متفرعة عنه.
         أولاً: الإلتزام بحسن نية.
         يلعب حسن النية La bonne foi دور بارز في مجال العقد، سواء عند تنفيذه أو حتى خلال المرحلة السابقة على تنفيذه، ما أشار له ضمنياً المشرع في م 107 ق.م، وما يعنينا بهذا الخصوص معالجة قاعدة حسن النية قبل التعاقدي، وهو الإلتزام بحسن نية أثناء التفاوض.
         وأشارت المحكمة العليا في قرار مشهور في 24 جانفي 1999 بأنه من المقرر قانوناً أنه يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبحسن نية، غير أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، جاز للقاضي تبعاً للظروف، وبعد مراعاة مصلحة الطرفين أن يرد الإلتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.
         وحسن النية في فترة تكوين العقد والاتفاقات والعقود الممهدة للتعاقد يفرض قانوناً ألتزام الإعلام وحماية المستهلك، وكذا حماية حريته وإرادته التعاقدية، بهدف الإحاطة الشاملة بمضمون العلاقة التعاقدية وعناصرها الأساسية من كل الجوانب، ومن ثم، حماية الرضا وسلامته من العيوب التي يمكن أن تتمخض أثناء تكوين العقد، فكان لابد من تزويد المتفاوض (المستهلك) بالمعلومات الضرورية والكافية للاختيار بين ما هو معروض عليه.
         وهو ما نصت عليه بعض القوانين كالقانون الإيطالي ( م 1337)، والقانون التجاري الأمريكي الموحد U.C.C  م 1-201 /19 .
ويقول خبراء فن إدارة المفاوضات وتنمية المهارات التفاوضية أن عملية التفاوض الناجحة تقوم على استراتيجية وأساليب ولكنها ترتكز أساساً على أخلاقيات وأدب بالابتعاد عن أساليب الخداع والغش والكذب والتفاخر والتباهي والإلتزام بالصدق والصراحة والأمانة والحكمة واللباقة وحسن التصرف التي تولد الشعور بالارتياح والرضا والسرور لدى الطرف الآخر، وتدعم السمعة المهنية الطيبة للمتفاوض ومرونته ومؤهلاته في الحوار والاقناع. فإن التفاوض غير الأخلاقي له نهاية حتمية واحدة وهي الفشل والخسارة لا غير.
         فالمقصود بحسن النية هو إعمال مبادىء الصدق والأمانة والصراحة وعدم الغش والاحتيال والنزاهة في التصرفات والإجراءات عموماً، صيانة لمصلحة الأطراف في إدارة المفاوضات ذاتها، ما جاء في مبادى Unidroit لعقود التجارة الدولية لـ2004 (عن المعهد الدولي في روما لتوحيد القانون الخاص)، على أنه: "يجب أن يتصرف كل طرف وفق ما يقتضيه حسن النية والتعامل العادل في التجارة الدولية".
        
وكان فقهاء الرومان أشاروا لقاعدة أصولية هامة "أن الغش يبطل كل تصرف"، La fraude fait exception à toutes règles ، وهي قاعدة خلقية واجتماعية لها مكانتها من الناحية القانونية، ليس فقط في تنفيذ العقد بل أيضاً في فترة تكوينه والتفاوض عليه.
         *كما اهتم الفقه الاسلامي بقاعدة حسن النية خلال مرحلة تكوين العقد، ومرحلة تنفيذه بكل استقامة ونزاهة بعيداً عن الغش والخديعة والاحتيال، ونهى الرسول (ص) عن التغرير (التدليس) والنجش والخلابة "إذا اشتريت فقل لا خلابة ولي الخيار ثلاثة أيام"، أي لا خديعة ولا تضليل، وكلها مسميات لمفهوم واحد هو الخداع والغش الذي يؤدي إلى إيهام وإيقاع المتعاقد في غلط مدبر أو وهم يدفعه إلى التعاقد، فمن وقع من المتعاقدين تحت وطأة الغش والخديعة والاحتيال، جاز له طلب إبطال العقد (م 86، 87 ق.م)، كما لو طلب التعويض فقط باعتبار التدليس عمل غير مشروع ( 124/ قانون 05-10 في 20 جوان 2005).
*وعليه فالالتزام بالتفاوض بحسن نية يفرض على المتفاوض ألا يلجأ في تفاوضه إلى الغش والخديعة، بل يتبع المسلك المألوف والمعتاد في التفاوض ما يتطلب منه القيام بتصرفات إيجابية معينة كمحاولة خداع الآخر.
وعليه فالإلتزام بحسن نية يقع على كلا الطرفين وهو التزام بتحقيق نتيجة فلا يستطيع المتفاوض دفع المسؤولية عن نفسه بإثبات أنه بذل كل ما في وسعه لكي يكون حسن النية فلم يستطع، كما لا يجوز له التفاوض بصورة صورية لمجرد التسلية أو الدعاية أو استطلاع السوق دون نية حقيقية في التعاقد، ولا يجوز إتيان سلوك من شأنه إشاعة آمال كاذبة تبعث ثقة زائفة لدى الطرف الآخر لإطالة مدة التفاوض بدون جدية، أو كان هدفه من دخول المفاوضات مجرد المراوغة لإبعاد شريكه عن التفاوض مع الآخرين أو التعرف على أسراره الفنية والمالية، وكذا الانسحاب من المفاوضات على نحو انفرادي مفاجىء دون مبرر شرعي لمباحثات في مراحلها المتقدمة، وهي تصرفات تعد إخلال واضح بالثقة المشروعة التي تولدت للطرف الآخر، خاصةً إذا صدرت عن مفاوض محترف أو مهني، ما يترتب عنه ضياع فرصة إتمام العقد المرجو أو التعاقد مع الآخرين في الوقت المناسب.
ولا يجب الخلط بين الإلتزام بالتفاوض بحسن نية ومبدأ حرية التعاقد، ذلك أن الإلتزام لا يعني مطلقاً أن يلتزم المتفاوض بإبرام العقد النهائي بالفعل، فالمتفاوض يظل متمتع بكامل حريته التعاقدية في التعاقد من عدمه، إذ لا يجوز أن يضع حداً للمفاوضات والإمتناع عن إبرام العقد، دون التقيد بأي ارتباط عقدي شريطة أن يتم ذلك استناداً لأسباب مشروعة في إطار حسن النية.
ونظراً لدقة الخط الفاصل بين مبدأ حسن النية ومبدأ حرية التعاقد، ننوه أنه كلما تقدمت المفاوضات اتسع نطاق المسؤولية المدنية في مرحلة المفاوضات، فوصولها مرحلة متقدمة يلزم الطرفين أخلاقياً ونفسياً وقانونياً، ببذل ومواصلة الجهد اللازم بحسن نية لتكملة الاتفاق الجزئي، بهدف التشاور والتعاون والمساهمة الإيجابية بإبرام العقد النهائي، بحيث عدم الاستمرار في التشاور والتحاور من جانب أحد الطرفين بسوء نية أو دون مبرر شرعي يعتبر سلوك خاطىء يستوجب المسؤولية التقصيرية ويتطابق مع السائد في الفقه والقضاء الفرنسي.
*وبخصوص مبدأ حسن النية فالفقه الإسلامي قبل 15 قرن يعرف الإلتزام بالأمانة والذي يعني أن يلتزم المتعاقدان أقصى درجات الصدق والصراحة في الإخبار عن كل ما يتصل بالعملية العقدية في المرحلة العقدية لقوله تعالى: " والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون" (المؤمنون 08)، وقوله: "إن الله يامركم أن تودوا الأمانات إلى أهلها" (النساء 58)، وقوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" (الأنفال 27)، أما في السنة فالأحاديث التي تحض على الأمانة وحسن النية كثيرة: قوله (ص) " من غشنا فليس منا"، أيضاً: "المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً وفيه عيب إلا بينه"، وقوله: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما".
ثانياً: الإلتزام بضمان السرية.
فهو الإلتزام بالمحافظة على سرية المعلومات أو البيانات المتعلقة بموضوع العقد المراد إبرامه، خاصةً في عقود نقل التقنية أو التكنولوجيا وعقود الامتياز التجاري والعقود الصناعية وغيرها.
إن القانون الجزائري يحمي البيانات التقنية وأسرار المعرفة الفنية، وكذا الأسرار الصناعية وأسرار الأعمال وغيرها من الأسرار الفنية والتقنية والأسرار المالية فضلاً عن المهارات الفنية والخبرات التقنية المكتسبة التي يطلع عليها المتفاوضون، وهي الأسرار المحمية مدنياً وجزائياً بشكل خاص، فيمنع إفشاء الأسرار كما يمنع استغلالها دون رضا صاحبها.
ومضمون الالتزام بالمحافظة على السرية يتضمن شقين: أن يمتنع المتفاوض كلية عن إفشاء هذه السرية، أو نقلها إلى الغير سواء أثناء التفاوض أو بعد فشلها، وأن يمتنع أيضاً عن استغلالها لحسابه بدون إذن صاحبها، وهو التزام يقع على المتفاوض وفريق التفاوض لأنهم تابعون له.
*هذا الالتزام هو تحقيق نتيجة ويرى الفقه والقضاء السائد في فرنسا تطبيق قواعد المسؤولية التقصيرية لعدم وجود اتفاق صريح، ولا يكفي فيه أن يبذل المتعاقد كل ما في وسعه ليمتنع عن إفشاء الأسرار واستغلالها بل يمتنع تماماً عن ذلك وإلا قامت مسؤوليته.
*وفكرة تكملة العقد إعمالاً للمادة 107/ 02 : "لا يقتصر العقد على إلتزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب، بل يتناول ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الإلتزام".
وهي قاعدة أساسية تسمح للقاضي أن يفرض بعض الإلتزامات التي تقتضيها طبيعة العقد.
وهو ما اجتهد فيه قضاء فرنسا بشأن الإلتزام بالسلامة الذي بدأ في عقد العمل وعقد النقل ثم انتقل إلى مجالات عديدة، وكذا الالتزام بالإعلام ويسمى أيضاً بالتبصير الذي بدأ في العقود الطبية ثم انتقل لعقود التجارة الإلكترونية على أساس أن تطبيقات هذا الإلتزام تتضمن معنى الإعلام تارة، والتبصير تارة أخرى أو التحذير ثالث.
*ويأخذ المشرع بالالتزام بالسلامة خاصة في مجال مسؤولية الناقل، بأن يوصل المسافر سالم معافى إلى جهة الوصول وفي التاريخ وهو تحقيق نتيجة.
ثالثاً: الإلتزام بالإعلام.
يلتزم المتفاوض بالإعلام أو بالإرشاد والنصح بكل المعلومات الحقيقية المتعلقة بالعقد، وعن مدى ملاءمة العملية المطروحة فنياً وتقنياً ومالياً باعتماده على ضميره المهني الحي، فلا يستغل عدم تخصص الآخر في المسائل الفنية أو المالية ليزج به في عقد لا يناسبه، بألا يخفي عنه شيء ولا يتركه مخدوع في أمر يعلم حقيقته ما يستوجب على كل متفاوض أن يلتزم بالمصارحة والتبصير والشفافية والنصيحة في مرحلة تكوين العقد وإبرامه.
واعتبر المشرع كتمان واقعة مؤثرة في التعاقد تدليساً تجيز للمدلس عليه إبطال العقد، م 86/02 : "ويعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو الملابسة".
نلاحظ هناك صعوبة في وضع حدود فاصلة بين الإلتزام قبل التعاقدي بالإعلام، والإلتزام التعاقدي بالإعلام، وعلى كل حال تطبيقاً للمادة 86/ 02 ق.م فإنه يجب على المتفاوض في مرحلة إبرام العقد أن يطلع الطرف الآخر عن حقيقة كل واقعة أو ملابسة  بكل صدق ومصارحة، وإلا كان مخلاً بالتزامه بالإعلام ومرتكب تدليس يجعل العقد النهائي قابل للإبطال لمصلحة المدلس عليه.

في القانون الفرنسي.
رغم وجود نص بمثابة م 86/02 فالقضاء أقر بوجود التزام عام بالمصارحة والشفافية في مرحلة المفاوضات، إذ على كل متعاقد إعلام الآخر بكل شيء بأسلوب مستقيم وصريح وبريء بما يصاحب العقد محل التفاوض من ظروف وملابسات واقعية وقانونية، وأيده في ذلك الفقه الفرنسي الحديث، الذي خلص أن المتفاوض يلتزم بإعلام أو بإخبار الآخر بحقيقة المعلومات المتعلقة بالعقد المتفاوض عليه، والتي يستحيل على هذا الأخير تحصيلها بوسائله الخاصة.
وسارت تعديلات المشرع الفرنسي الحديثة في هذا الاتجاه في قانون الاستهلاك وتركز على حق المستهلك في الإعلام بصورتيه قبل التعاقدية والتعاقدية، وتوسيع نطاق هذا الإلتزام إلى واجب النصح والمشورة والتحذير والتعاون والمشاركة في عقود الإعلام الآلي والبناء.
وذهب الفقه الفرنسي أن الإلتزام قبل التعاقدي بالإعلام لصالح المستهلك ضروري وأكيد، لإحاطته علماً بالمعلومات والمميزات الأساسية والصفات المميزة للسلعة أو الخدمة محل التعاقد، في فترة تكوين العقد عن بعد أو قرب. وفقاً لمبدأ حسن النية من جهة، ولتوخي عيوب الرضا بإعطائه كافة المعلومات اللازمة لإيجاد رضاء حر وسليم لدى المشتري من جهة أخرى، خاصة المعلومات الضرورية الأساسية التي يقصد منها تنبيهه بحقيقة مضمون العقد المراد إبرامه وما قد يتضمنه من شروط وبنود وضمان ومخاطر متعددة.
*وذهب بعض الفقه الفرنسي أن كل متفاوض يلتزم بأن يستعلم بالذات أو بالواسطة أو بالخبرة على مصالحه الخاصة، ليستعلم عن ظروف وملابسات العملية التعاقدية موضوع التفاوض بأن يتحرى حقيقة المعلومات والبيانات والظروف الاقتصادية الوطنية أو الدولية، باللجوء إلى كافة مصادر المعرفة المتاحة.
موقف المشرع الجزائري.
من المعلوم أن المشرع ركز على الإعلام السابق على التعاقد والمتمثل في إعلام المتعاقد وإخباره بمضمون العقد من جهة وبالأسعار وشروط البيع من جهة أخرى، كما تدخل لحماية إرادة المشتري، وإعادة التوازن بين طرفي العقد والحماية المدنية من الدعاية التجارية الكاذبة أو المضللة التي تعد إخلال واضح وجلي بقواعد المنافسة التجارية الحرة.
وفيما يتعلق بالإعلام بمضمون العقد فإنه إضافة للالتزام التقليدي الذي يقضي بعدم غش المستهلك أو خداعه أو تضليله أو تغريره بالسكوت (م 86، 87 ق.م) توجب المادة 17 من القانون 09-03 مؤرخ في 25 فيفري 2009 على كل متعامل أن يعلم المستهلك بكل المعلومات المتعلقة بالمنتوج الذي يضعه للاستهلاك، وكذا المادة 04 من القانون 04-02 مؤرخ في 23 جوان 2004 يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية، والتي تقضي أنه يتولى البائع وجوباً إعلام الزبائن بأسعار وتعريفات السلع والخدمات وبشروط البيع.
كما يلزم قانون التأمينات 06-04 مؤرخ في 20 فيفري 2006 شركات التأمين ضرورة إعلام المؤمن له وإخطاره بالشروط الهامة والأكثر خطورة وبكل المعلومات الضرورية المتعلقة بالعقد، وأن تكون هذه البيانات واضحة ومقروءة وغير قابلة للمحو وباللغة الوطنية.
كما يوجب ذات القانون المؤمن له إعلام المؤمن وإطلاعه بالتصريح الصحيح عند إبرام العقد، بكافة الظروف المعروفة المساعدة على تقدير الخطر ودرجة جسامته، بكل وضوح وأمانة من خلال نماذج الاستمارات المطبوعة المتضمنة لأسئلة محددة، لتبصرة المؤمن بدرجة احتمال وقوع الخطر، حتى يتسنى للمؤمن اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة أو ناجعة كأن يقترح قسط جديد لاستمرار التأمين أو فسخ العقد.
وفي حال كتمان المؤمن له لمعلومات أو تصريح كاذب متعمد بقصد تضليل المؤمن في تقدير الخطر المؤمن عنه يترتب إبطال العقد.
كما نص قانون حماية الصحة وترقيتها رقم: 85-05 مؤرخ في: 26 فيفري 1985 معدل ومتمم أنه لا تنزع الأنسجة أو الأعضاء البشرية بهدف الزرع إلا بعد الموافقة الصريحة وبعد أن يعلم الطبيب المعالج الشخص المعني بالأخطار الطبية التي تنجر عن ذلك ( م 166/5)، كما يمنع قانوناً أن يخضع المريض للتجارب الطبية إلا بعد موافقته الحرة والمستنيرة أو عند عدمه لممثله الشرعي وتكون الموافقة في كل لحظة.
والالتزام بالإعلام هو التزام يفرضه القانون خاصةً على المهني أو المحترف، بضرورة تبصير المتعاقد وتنوير إرادته بكافة المعلومات والبيانات المتعلقة بالعقد المتفاوض عليه في المرحلة السابقة على التعاقد، أي أن مكانه هو وقت المفاوضات التمهيدية لإبرام العقد ضمن الإلتزامات قبل التعاقدية والإخلال به يرتب مسؤولية 124 ق.م.
*أما الإلتزام بالمشورة أو النصيحة، فهو التزام قائم على عاتق المهني بإظهار المزايا والعيوب للمتعاقد، مما سيمكنه من اتخاذ القرار على بينه وإدراك، فهو إلتزام مرتبط بالإلتزامات الأصلية الناشئة عن العقد، إنطلاقاً من مبدأ حسن النية في تنفيذ العقد (م 107/1 ق.م)، فهو التزام تعاقدي بتقديم المشورة الفنية في إطار المساعدة الفنية أو التقنية التي تختلف بحسب العقد، ومثاله الإلتزام بالتحذير الذي يظهر لما يكون محل العقد شيء خطير.
ويكتسب إلتزام المتفاوض تزويد الطرف الآخر بالمعلومات أهمية كبيرة سواء كان أساسه حسن النية أو نص القانون الذي يفرضه شرط للتراضي أو لصحة المحل ويرتب على تخلفه المسؤولية، لاسيما بعد ظهور التعاقد الإلكتروني وأصبح تقديم المعلومات الفنية مسألة لا يجوز تجاوزها.
والإلتزام بالإعلام يشمل الإخبار والنصيحة والتحذير.

من كتاب الأستاذ بلحاج العربي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـ الباحث القانوني-Carrefour _droit ©