الرضــــــــــــــا.
يقصد المشرع بالرضا
تراضي المتعاقدين، فالعبرة برضا كلا المتعاقدين وليس رضا أحدهما فقط، أي تراضي
المتعاقدين ويراد به توافق أو تطابق الإرادتين أي تراضي المتعاقدين، وتنص المادة
59 ق.م أنه: "يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتيهما
المتطابقتين دون الإخلال بالنصوص القانونية"، والرضا بهذا المعنى هو ظاهرة
مركبة تقتضي وجود إرادتين متطابقتين على الأقل تم التعبير عنهما وتبادلها من قبل
الأطراف، فيندمج بعضهما ببعض ونكون بصدد تطابق إرادتين أي إرادة مشتركة، ويجب أن
يكون الرضا كركن موجود وصحيح[1].
وجــــــــــود
الرضــــــــــا.
تعتبر الإرادة عنصر جوهري
في الرضا، الذي يتم عن طريق تبادل الطرفين التعبير عن إرادتيهما المتطابقتين.
المطلب الأول:
الإرادة أســــــاس
الرضـــــــــا.
الإرادة هي ظاهرة نفسية
تتمثل في قدرة الكائن المفكر في اتخاذ موقف أو قرار يستند إلى أسباب واعتبارات
معقولة مما يستدعي وجود الإدراك وحسن التدبر عند صاحب الإرادة، ويميز علماء النفس
بين عدة صور للإرادة، معتمدين في ذلك على قدرة وتطور وإدراك كل كائن، أما القانون
فإنه لا يعتد إلا بالإرادة الجدية التي عرفت في مفهومها تطورات عديدة فرضتها
تحولات المجتمع، وقد أجمعت كلها على ضرورة إظهارها.
الفرع الأول:
الإرادة
الجـــديـــــــة.
تكون الإرادة جدية متى
صدرت من شخصية قانونية مؤهلة ترغب في إحداث أثر قانوني.
1-إرادة
شخصية قانونية مؤهلة.
يجب أن يكون صاحب
الإرادة مؤهل قانوناً، أي تكون له الشخصية القانونية من جهة، ويتمتع بأهلية الأداء
ومنها أهلية التعاقد.
أهلية
التعاقد: تقاس قدرة الشخص على القيام بتصرفات
قانونية صحيحة بوعيه، أي بدرجة إدراكه وتمييزه بين الأمور المختلفة، وذكر المشرع
في المواد من 42 إلى 44 ق.م القواعد العامة التي تحكم الأهلية وتضمنت المادة 78
منه المبدأ وهو أن: " كل شخص أهل للتعاقد ما لم يطرأ على أهليته عارض يجعله
ناقص الأهلية أو فاقدها بحكم القانون"، ويكون الشخص عديم الأهلية إذا انعدمت
لديه الإرادة المدركة كالصبي غير المميز والمجنون أو المعتوه، ومثل هؤلاء لا يمكن
أن تنسب إليهم إرادة يعتد بها القانون، وأما ذو الغفلة أو السفيه أو الصبي المميز
فأهليتهم ناقصة فقط، لأن العقل غير معدوم لديهم بل هو ضعيف بسبب المرض، ويكون
لناقص الأهلية الحق في مباشرة بعض التصرفات.
إضافة إلى هذه العوارض
للأهلية التي تصيب الإنسان تارة في عقله فتعدم أهليته، وتارة في تدبيره فتنقصها،
هناك ظروف قانونية أو مادية أو جسمانية تمنع الشخص من مباشرة التصرفات القانونية
رغم تمتعه بكامل قواه وسلامة تدبيره، فالمادة 06 من ق.ع تقضي بالحجر قانوناً على
المحكوم عليه جنائياً، ومعنى ذلك حرمان المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة الأصلية
من مباشرة حقوقه المالية، وموانع الأهلية لظرف مادي وهي حالتي المفقود والغائب (
109، 110 ق.أ)، أما الموانع لظرف جسماني وهي تجمع عاهتين في شخص ( م 80 ق.أ).
أما الشخص المعنوي فهو
كيان معنوي ليس له تمييز ولا إرادة، وعليه جاء في المادة 50 ق.م أنه: "يتمتع
الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازم لصفة الإنسان...ويكون له
خصوصاً نائب يعبر عن إرادته"، فالشخص الاعتباري يباشر التصرفات بواسطة نائبه.
2-انصراف
الإرادة لإحداث أثر قانوني.
يجب أن تنصرف إرادة الشخص إلى إحداث أثر قانوني أي يكون راغب
في الارتباط بحالة قانونية، فالإرادة الجدية هي التي يسعى الفرد من خلالها إلى
تحمل واجبات نحو شخص آخر أو اكتساب حقوق على الغير أو التنازل عنها، فيلتزم صاحبها
بواجبات تنفذ جبراً إذا اقتضى الأمر، وتكون الإرادة غير جدية إذا كان صاحبها لا
يرغب في تحمل الواجبات، كما هو الأمر في إرادة الهازل أو الإرادة الصورية أو
الإرادة المتعلقة بمحض المشيئة والإرادة المقترنة بتحفظ ذهني.
الفرع الثاني:
الصور المختلفة للإرادة.
قلنا أن الإرادة مسألة
نفسية تستوجب الكشف عنها بالكلام أو بالكتابة، أو بالإشارة أو بأي وسيلة أخرى حتى
يتمكن الغير من الإطلاع عليها، ولكن قد لا تعبر الكلمة أو الإشارة بصدق عن الإرادة
النفسية فيتغير المعنى الحقيقي، وقد تحمل الكلمة أكثر من معنى، فأي الإرادتين يعتد
بها؟ هل يعتد بالإرادة النفسية أم بتلك التي تضمنتها الكلمة أو الإشارة أو
الكتابة؟ لاشك في وجود علاقة متينة بين الإرادتين بحيث يمنع انعدام أي منهما قيام
العقد، إذ لا ينعقد العقد بمجرد النية ولو اتفق الطرفان على وجود نيتهما، وكذلك
إذا وجدت الإرادة الظاهرة وحدها لا تفيد شيئاً لأن هذه الإرادة هي دليل المعبر عما
في النفس، فإذا لم توجد إرادة باطنة لا تكون في الظاهرة دلالة على شيء ولا يكون
لها أي أثر في وجود العقد، وفي هذا الصدد هناك نظريتان قبل تحديد موقف المشرع.
عرض نظريتي الإرادة الباطنة والإرادة الظاهرة.
تعتد النظرية الأولى للإرادة
التي وضعتها المدرسة الفرنسية بالإرادة الباطنة، بينما تمسكت المدرسة الجرمانية
بالإرادة الظاهرة.
1-الإرادة
الباطنة.
يرى أصحابها-المستمدة
من الذهب الفردي ومبدأ سلطان الإرادة-أن الإرادة النفسية أي الكامنة في النفس هي
الأصل، بل هي الروح وما وسائل إظهارها والكشف عنها إلا مجرد وسيلة مادية لابد منها
للكشف عن الإرادة، وبالتالي لا يؤثر بأي شكل كان على مضمونها، فالمعنى الذي تحمله
الكلمة أو الإشارة أو اللفظ المستعمل تعبيراً عن الإرادة يعتبر قرينة بسيطة على
أنه المعنى الحقيقي الذي انصرفت له نية المعبر، وعليه يمكن إثبات عكس ذلك إذا
اقتضى الأمر، وبعبارة أخرى إذا كانت الإرادة النفسية تختلف عن تلك التي تتضمنها
الكلمة أو الإشارة المستعملة نتيجة الاستعمال المفرط أو غير الدقيق للألفاظ أو
الكلمات أو الإشارة، فلصاحبها أن يثبت ذلك لأن العبرة هي بالإرادة الكامنة في النفس
أي الإرادة الباطنة.
وتقوم هذه النظرية على
مبدأ تكريس المجتمع لخدمة الفرد، إذ حماية مصالح الفرد أولى من حماية مصالح
المجتمع واستقرار المعاملات.
ويترتب على هذه
النظرية عدة نتائج نذكر منها :
-الغلط عيب من عيوب
الرضا وهو مبطل للعقد؛
-وفاة أو نقص أو فقد
أهلية المعبر تسقط الإرادة ولو صدرت قبل وفاته أو حدوث نقص في أهليته وفقدها؛
-المقصود بتأويل
العبارة الغامضة هو البحث عن نية المتعاقد؛
-السبب في التصرفات
القانونية هو الدافع للتعاقد.
2-الإرادة
الظاهرة.
يرى أنصار هذه النظرية
التي تقدمت بها المدرسة الألمانية في منتصف القرن 20 أن القانون يهتم بالمظاهر
الاجتماعية لا بالمظاهر النفسية، ومن ثم فإن الإرادة الكامنة في النفس غير جديرة
بالحماية القانونية، فالعبرة تكون بالإرادة الظاهرة فقط، فالتعبير عن الإرادة هو
ظاهرة اجتماعية يعتد بها القانون ويحميها، والأصل في الإرادة هي تلك المعبر عنها
بغض النظر عما إذا كانت مطابقة للإرادة النفسية أولاً، فالمظهر الخارجي للإرادة
المتمثل في اللفظ أو الكتابة أو الإشارة هو العنصر الأصلي في الإرادة وهو ما يجعل
إثبات العكس مستحيل.
وترمي هذه النظرية
لحماية المجتمع على حساب المصالح الفردية، بحيث يتحمل الفرد النتائج المترتبة عن
سوء استعمال أو اختيار الألفاظ أو الكلمات للتعبير عن إرادته، وتترتب على هذه
النظرية النتائج التالية:
-الغلط لا يفسد الرضا؛
-الوفاة لا تؤثر على
صلاحية التعبير الحاصل قبل الوفاة بحيث ينجز أثره وقت اتصاله بعلم من وجه إليه؛
-العبارة الواضحة تلزم
القاضي والأطراف ولا يسمح بالبحث عن النية المشتركة.
موقف
المشرع الجزائري.
بعد آراء الفقه نرى
المشرع اعتمد تصور جديد...
أراء
الفقه.
1-أنصار
الإرادة الباطنة.
يستند أصحابها على عدة
أدلة منها:
-يتضح من مضمون المادة
59 ق.م أن المشرع يشترط تطابق الإرادتين ولو كانت العبرة بالتعبير عن الإرادتين
لقال المشرع "العقد يتم بمجرد أن يتبادل الطرفان تعبيرين متطابقين عن
إرادتيهما"؛
-تقدم المادة 81 ق.م
الغلط كعيب من عيوب الرضا وهذا يعني الاعتداد بالإرادة الباطنة حيث أن الغلط هو
وهم يقوم في ذهن المتعاقد؛
-تشترط المادة 97 ق.م
مشروعية السبب والتطرق للمشروعية يقتضي فحص الباعث أو الدافع للتعاقد وهو يعني أن
العبرة بالإرادة الباطنة؛
-يكون بمقتضى المادة
98 ف 02 ق.م أن "...السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل
على ما يخالف ذلك، فإذا قام الدليل على صورية السبب..."، وتفيد أحكام هذه
المادة أن العبرة بالإرادة الباطنة وإلا كيف تثبت صورية السبب.
-يلزم القاضي بموجب
المادة 111 ف 02 ق.م عند تأويله للعبارات الغامضة بالبحث عن النية المشتركة ما
يعني الرجوع للإرادة الباطنة.
2-أنصار
الإرادة الظاهرة.
ويستدل أصحابها بالحجج
التالية:
-أشار المشرع في
المواد: 59، 60، 61 ق.م للتعبير عن الإرادة الذي يقصد به صراحة الإرادة الظاهرة؛
-ترتب المادة 62 ق.م
آثار على التعبير عن الإرادة الصادرة من شخص فقد أهليته أو توفي بعدها ولو كانت
العبرة بالإرادة الباطنة لسقط التعبير عن الإرادة بمجرد الوفاة أو فقد الأهلية؛
-يشترط في إبطال العقد
بسبب التدليس أو الإكراه الصادر من غير المتعاقدين، أن يكون المتعاقد المستفيد
عالماً بذلك علم حقيقي أو حكمي، وهذا يعني أن أساس العقد هو الإرادة الظاهرة؛
-يلتزم القاضي طبق م
111 ق.م بعبارة العقد الواضحة والتي تمنعه من البحث عن إرادة العاقدين ما يعني أن
العبرة بالإرادة الظاهرة؛
-تسمح المادة 189 ق.م
لدائني العاقدين والخلف الخاص التمسك بالعقد الصوري أي الإرادة الظاهرة؛
أما بخصوص المادة 98 ف
02 ق.م الخاصة بالسبب، فالمبدأ هو الاعتداد بالإرادة الظاهرة والاستثناء هو الرجوع
للإرادة الباطنة.
الإرادة
المتعرف عليها.
يظهر من الحجج أن
أحكام القانون المدني تتأرجح بين نظرية الإرادة الباطنة ونظرية الإرادة الظاهرة،
وأن الحل في مثل هذه الحالة يكمن في تحديد ما يعتبر من القاعدة العامة وما هو
استثناء، والفقه اعتمدوا هذه الطريقة للتعرف على موقف المشرع، ولكن الأمر في
اعتقاد الأستاذ فيلالي ليس بهذه البساطة لأن الأحكام التي تضمنها القانون المدني
ليس مجرد نقل آلي للحلول التقليدية بل صيغت في ضوء الحقائق الجديدة.
-الغلط كعيب من عيوب الرضا
هو أحد الحجج التي دفع بها أنصار الإرادة الباطنة، ولكن عند التدقيق في أحكام هذا
العيب تبطل هذه الحجة، فالمادة 81 ق.م تعتد بالغلط الجوهري، وعرفت م 82 ف 02 ق.م
الصفة الجوهرية للشيء أنها تلك التي يراها المتعاقدان جوهرية، أو يجب اعتبارها
كذلك نظراً لشروط العقد وحسن النية، فالعبرة إذن ليست بنظرة وإرادة أحد المتعاقدين
دون الآخر، وإنما بنظرتهما المشتركة التي يتم الاتفاق عليها، إنها الإرادة التي
كشف عنها المتعاقدان وتبادلاها، وإذ لم يحصل في هذا الشأن اتفاق تكون العبرة بظروف
العقد وحسن النية، وهكذا في كلتا الحالتين تستبعد النظرة الذاتية وفي نفس الوقت
الإرادة الباطنة التي ينفرد بها أحد المتعاقدين، والحاصل أن المشرع أخذ بالغلط
ولكن أعطاه مفهوم جديد.
ودافع أنصار الإرادة
الباطنة كذلك بالمادة 111 فقرة 02 المتعلقة بالتأويل والتي تلزم القاضي بالبحث في
النية المشتركة، إلا أن المشرع حدد طريقة البحث عن هذه النية بوضعه بعض المعالم منها:
طبيعة التعامل، الثقة والأمانة والعرف، والغرض من هذه المعالم التي يلتزم القاضي
بإتباعها هو الحد من تعسف أحد المتعاقدين في تأويل إرادته كما تسمح بذلك نظرية
الإرادة الباطنة.
وتكون العبرة بالإرادة
الباطنة شريطة أن تكون مطابقة لما تقتضيه طبيعة المعاملة والثقة والأمانة وحسن
النية بين المتعاقدين، وبعبارة أخرى فالعبرة تكون بالإرادة الباطنة المجردة من كل
غش وأنانية.
وإذا كان المقصود
بالسبب هو الباعث، ما يسمح بالقول أن العبرة بالإرادة الباطنة فإن القضاء بعد تردد
أصبح يشترط بالنسبة لعقود المعاوضة علم المتعاقد الثاني بعدم المشروعية لإبطال
العقد، فيستبعد حينئذ الإرادة الباطنة.
بالإضافة لهذا يلزم
المشرع القاضي في تقديراته المختلفة بالرجوع إلى معطيات موضوعية كالعرف والعدالة
والثقة.
ولم يتم تحقيق هذه
العدالة العقدية الجددة (ص110) التي يرغب فيها المشرع عن طريق وضع قواعد وأحكام
استثنائية لمعالجة مساوئ نظرية الإرادة الظاهرة أو الباطنة، وإنما بوضع تصور جديد
للإرادة يكون أكثر خدمة وانسجام مع هذا الهدف، فلا تكون العبرة بالإرادة الباطنة
كما يريدها صاحبها، ولكن بالإرادة الباطنة كما يفهمها الغير، وهذا ما يتطلب الثقة
المتبادلة بين الطرفين والنية الحسنة لكل منهما، فالإرادة التي يعتد بها هي إذن
الإرادة الباطنة الخالية من كل غش والتي تتفق مع العرف وظروف المعاملات والثقة
التي يرجوها كل متعاقد.
إن هذه المعايير
الموضوعية هي التي تمكننا من الكشف عن مدلول الإرادة بغض النظر عن رغبة المتعاقدين،
وبالتالي فإن المشرع لم يأخذ لا بالإرادة الظاهرة ولا بالإرادة الباطنة المحضة
وإنما أخذ بما يسمى الإرادة المتعرف عليها Volonté reconnaissable .
طرق
التعبير عن الإرادة.
جسدت المادة 60 ق.م
مبدأ الرضائية، إذ يتمتع الفرد بالحرية التامة فيما يخص الكيفية التي يعبر بها عن
إرادته، فقد يكون ذلك بالكتابة أو اللفظ أو بالإشارة المتداولة عرفاً أو باتخاذ
موقف (التعبير الصريح أو الضمني).
آثار
التعبير عن الإرادة.
خلافاً للقانون القديم
(الفرنسي) الذي لا يرتب آثار قانونية على التعبير عن الإرادة لانعدام الأسس
القانونية، فالمادة 61 ق.م تقضي أن: "التعبير عن الإرادة ينتج أثره في الوقت
الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه"، نحدد المقصود بالآثار، ثم وقت إنجازها، ثم
بعض الحالات الخاصة: حالتي وفاة وفقد أهلية المعبر عن الإرادة.
المقصود
بالآثار القانونية.
يرتب التعبير عن
الإرادة حسب م 61 ق.م آثار قانونية، أي أن التعبير عن الإرادة ليس مجرد واقعة
مادية يتجاهلها القانون، بل يأخذها بعين الاعتبار فيستفيد الغير الذي يتصرف على
أساس هذا التعبير من حماية القانون، وهذه الآثار هي مساءلة المعبر عن الإرادة إذا
عدل عن إرادته وسبب ضرر للغير وتختلف الآثار باختلاف طبيعة التعبير فقد يكون إيجاب
أو قبول أو وعد للجمهور أو مجرد دعوة للمفاوضات وتترتب على كل حالة آثار خاصة.
وقت
حدوث الآثار.
تظهر أهمية وقت ترتيب
الأثر إذا كان الطرفان في مكانين مختلفين، حيث ما لم ينتج التعبير أثره فللمعبر
العدول، وينتج التعبير أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه، وللتعبير عن
الإرادة وجود فعلي وآخر قانوني، يتحقق الوجود الفعلي بمجرد صدور اللفظ أو الكتابة
بينما لا يتحقق الوجود القانوني إلا باتصال اللفظ أو الكتابة بعلم من وجه إليه،
فإذا كان الطرفان في نفس المجلس أو تم التعبير بواسطة الهاتف فإن الوجود الفعلي
يتزامن مع الوجود القانوني، أي أنه بمجرد صدور اللفظ يعلم به الموجه له، أما إذا
تم التعبير عن الإرادة بواسطة رسالة فإن الوجود الفعلي لا يتزامن مع الوجود
القانوني فلا يتحقق الوجود القانوني إلا عند وصل الرسالة إلى من وجهت إليه، ويفترض
المشرع أن وقت الاتصال بعلم من وجه إليه التعبير عن الإرادة هو وقت وصول الرسالة،
كما ورد في م 61 ق.م "...ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم بها ما لم يقم
الدليل على عكس ذلك"، وهي قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها، أي إثبات أن العلم
بالتعبير عن الإرادة يكون قد حصل في وقت غير وقت وصول التعبير عنه، فإذا تم
التعبير عن الإرادة برسالة يعتبر وقت وصولها إلى المرسل إليه هو وقت العلم
بالتعبير، ولكن إذا كان المرسل إليه في سفر مثلاً فله إثبات أنه لم يعلم بالرسالة
إلا بعد رجوعه.
موت
المعبر أو فقد أهليته.
تنص المادة 62 ق.م
أنه: " إذا مات من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقد أهليته قبل أن ينتج
التعبير أثرهن فإن ذلك لا يمنع من ترتيب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه
إليه، هذا ما لم يتبين العكس من التعبير أو من طبيعة التعامل"،
هذا النص يترجم حرص
حماية المجتمع على حساب الفرد من قبل المشرع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق