البطلان[1]
هو الجزاء المترتب على العقد الذي لم يستكمل أركانه أو لم يستوفي شروطه، فإذا أخلّ
الأطراف بأركان وشروط العقد كان عقدهما باطل أي منعدم الوجود قانوناً، فتزول كل
آثاره بالنسبة للمتعاقدين وكذلك الغير، وتناولها المشرع في المواد من: 99 إلى 105.
المبحث الأول:
مفهــــــــــــــــــــوم البطـــــــــــــــــــلان.
نميز البطلان
وغيره من النظم ثم نبين أنواعه.
المطلب الأول:
البطلان والمفاهيم القريبة منه.
يشتبه البطلان مع
ما يقاربه من حيث الآثار بالنسبة للمتعاقدين والآثار بالنسبة للغير، أي عدم النفاذ
الفرع الأول:
البطلان والمفاهيم القريبة منه من حيث
الآثار للمتعاقدين.
يتشابه البطلان
مع حالتي سقوط العقد وفسخه من حيث تشابه آثارها بالنسبة للمتعاقدين، ويختلفان من
حيث آثار تلك الأسباب.
1-تشابه
آثار البطلان مع السقوط والفسخ.
يترتب على كلها
نفس الأثر القانوني، وهو الزوال الكلي لآثار العقد، وهو وجه الشبه بين الحالات
الثلاث، فكلها تؤدي لزوال الرابطة القانونية بين المتعاقدين، فيصبح العقد كأنه لم
يكن موجود، لكن هذا لا يعني اتحاد الحالات.
2-اختلاف
أسباب البطلان والسقوط والفسخ.
ووجه الاختلاف
في الأسباب التي تؤدي إلى زوال العقد، فالعقد الباطل يصبح منعدم لأنه لم ينعقد
صحيحاً ولم يستوفي كل شروطه وأركانه.
أما سقوط العقد
والتي يترتب عليها زوال الرابط العقدية فإنها ترد على عقد صحيح، ويراد بحالة
السقوط العقد الذي ينعقد صحيح غير أنه يطرأ عليه بعدها حادث أو ظروف تمنع من ترتيب
آثاره، ويسقط العقد في التعاقد بالعربون عندما يتمسك أحد المتعاقدين بحق العدول
الذي يحول دون ترتيب العقد آثاره ( م72 مكرر)، ولكون العقد ينعقد صحيحاً في
التعاقد بالعربون فإن التمسك بحق العدول يترتب عنه سقوط العقد Caducité du contrat.
ويسقط العقد
أيضاً عند تمسك المستهلك بحق التراجع الحق الذي أقرته التشريعات الخاصة في إطار
حماية المستهلك، بغرض منح المستهلك مهلة إضافية للتفكير تكون لاحقة على انعقاد
العقد، ويترتب على التمسك بحق التراجع سقوط العقد لكونه انعقد صحيح على غرار
التمسك بحق العدول.
ويمكن
للمتعاقدين وفق المادة 106 ق.م نقض العقد بموجب اتفاق أو بالإرادة المنفردة في
إطار ما يسمح به القانون أو اتفاق الأطراف، مع العلم أن التمسك بحق النقض Droit de révocation غير مقيد بأسباب
موضوعية بل يرجع إلى إرادة صاحب الحق ويترتب عليه سقوط العقد.
*أما انعدام
الرابطة العقدية للفسخ فيرجع إلى عدم تنفيذ العقد، ينشأ العقد صحيحاً مستوفياً كل
شروطه وأركانه إلا أنه لم ينفذ بسبب أحد المتعاقدين أو لسبب آخر فيستوجب فسخه
(119، 121 ق.م)، وقد ينفسخ العقد قانوناً إذا أصبح تنفيذ التزام أحد المتعاقدين
مستحيلاً ويترتب على انفساخ العقد أو فسخه اتفاقاً أو قضائياً انحلاله.
*وبالنظر
للحالات السابقة ينعدم العقد بسبب بطلانه فلم ينعقد صحيحاً أو بسبب سقوطه فانعقد
صحيح غير أنه طرأ حادث أو ظروف منعته من ترتيب آثاره، أو بسبب انحلاله إذا انعقد
صحيح وتعذر تنفيذه بسبب المتعاقد أو لسبب أجنبي .
الفرع الثاني:
البطلان وعدم النفــــــــــــــــــــــــــــاذ.
لا يسري العقد
الباطل مثله مثل العقد غير النافذ في حق الغير، فلا يمكن الاحتجاج به على الغير،
ولهؤلاء أن يتجاهلوه، والسبب في عدم نفاذ العقد هو الإخلال مثلاً بإجراءات الشهر
العقاري، ويساوي العقد الباطل بالنسبة للغير العقد غير النافذ، فهو غير موجود
قانوناً بالنسبة لهم، ويتميز البطلان عن عدم النفاذ كون العقد الباطل منعدم الوجود
قانوناً بالنسبة للمتعاقدين نفسهما وبالنسبة للغير كذلك، أما في حالة عدم نفاذ
العقد فهو موجود قانوناً وصحيح بين المتعاقدين
ومنعدم بالنسبة إلى الغير.
المطلب الثاني:
أنواع
البطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلان.
الفرع الأول:
التقسيمـــــــــــــــــــــــات
الفقهيــــــــــــــــــة.
هناك من صنفه
إلى ثلاث أنواع، وهناك من صنفه صنفين وهناك من يرى أن البطلان نوع واحد.
أولاً:
التقسيم الثلاثي.
ويميزون بين
الانعدام والبطلان المطلق والبطلان النسبي:
1-الانعدام:
يكون العقد منعدماً إذا تخلف ركن من أركانه
كأن يتخلف ركن الشكلية في العقود الشكلية أو ينعدم المحل أو السبب، فالعقد هنا لم
يستوفي أركانه الأمر الذي يمنع انعقاده.
2-البطلان
المطلق: يكون العقد باطلاً بطلان مطلق إذا استوفى كل
أركانه وتخلف شرط المشروعية، كأن يكون المحل أو السبب غير مشروع، ففي هذه الحالة
ينعقد العقد لأنه استكمل أركانه إلا أنه يكون باطل بطلان مطلق لعدم المشروعية.
3-البطلان
النسبي: يكون العقد قابل للابطال أ بطلان نسبي إذا كان رضاء المتعاقدين مشوباً
بعيب من عيوب الرضا. ففي هذه الحالة ينعقد العقد صحيحاً ما لم يطعن في صحته
المتعاقد الذي رضاؤه معيب.
ويعاب هذا
التقسيم الثلاثي عدم جدية التمييز بين الانعدام والبطلان المطلق، لأنه في الحالتين
لا وجود للعقد قانوناً وبالتالي فهما متساويان في الانعدام.
ثانياً:
التقسيم الثنائي: البطلان المطلق والنسبي ومعيار التفرقة.
1-مفهومهما.
أ-البطلان
المطلق: العقد بالنسبة للبطلان المطلق لم ينعقد
تماماً فهو منعدم الوجود ولا حاجة لتقرير البطلان، ويلحق هذا النوع العقد الذي لم
يستوف أركانه، كانعدام تطابق الإرادتين أو انعدام المحل أو السبب، أو عدم مشروعية
محله أو سببه، أو الإخلال بركن الشكلية بالنسبة للعقود الشكلية، ويشمل بالنسبة
للتقسيم السابق: الانعدام والبطلان المطلق.
والعقد الباطل
بطلان مطلق لا تلحقه إجازة ولا يتقادم بطلانه لأنه لم ينعقد أو لأنه مخالف للنظام
العام والأداب، فهو عندها لا يكون موجود قانوناً.
ب-البطلان
النسبي: إذا كان العقد باطل بطلان نسبي فإنه ينعقد
صحيح ويظل كذلك ما لم يطعن من تقرر لمصلحته البطلان في صحته، ويكون العقد قابل
للابطال أو باطل بطلان نسبي إذا كان رضاء المتعاقد مشوب بعيب من العيوب كالغلط
والتدليس والإكراه والاستغلال أو كان ناقص الأهلية، وعلى عكس البطلان المطلق فإن
البطلان النسبي تلحقه الإجازة ويسقط بالتقادم.
*مما سبق فلكل
من النوعين مجال معين ويخضع لأحكام مختلفة ما يستوجب تحديد التمييز بينهما:
2-طبيعة
المصلحة: معيار التفرقة.
التمييز
التقليدي كان يستند إلى طبيعة الشرط المخل به، وتم تقسيم شروط العقد إلى قسمين:
شروط لوجود العقد وأخرى لصحته، فإذا أخل بشرط من شروط الوجود يكون العقد باطل
بطلان مطلق، وإذا أخل بشرط من شروط الصحة يكون العقد قابل للإبطال فقط.
وألحقت الأهلية
بشروط الصحة بينما ألحق المحل والسبب بشروط الوجود، وتعرض هذا التصنيف لعدة
انتقادات منها أنه لا يستند لمبررات جدية، فناد آخرون بمعيار جديد للتصنيف أساسه
المصلحة الخاصة والمصلحة العامة.
إن تقييد العقد
في تكوينه بشروط مختلفة ومتفاوتة الأهمية كالأهلية ووجود السبب ومشروعيته، والمحل
والشكلية يستند إلى اعتبارات مختلفة منها المصلحة العامة ومنها حماية المتعاقد
نفسه، فيرمي شرط مشروعية السبب والمحل لحماية المجتمع والمصلحة العامة بينما
صحة التراضي حماية مصلحة المتعاقد، ورغم الصعوبات التي تلحق بعض الحالات فتصبح
الحدود بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة غير واضحة، فلا شك اليوم أن الشروط
المفروضة لحماية المصلحة العامة يترتب على مخالفتها البطلان المطلق، بينما مخالفة
الشروط التي تسعى لحماية المصلحة الخاصة فالبطلان النسبي.
كما يبرر هذا
المعيار كذلك الأحكام التي تدير النوعين: فالبطلان المطلق قوامه المصلحة العامة
ومن الطبيعي أن يخول لكل ذي مصلحة أن تمسك به ولا يقبل الإجازة أو التقادم، أما
البطلان النسبي فقوامه المصلحة الخاصة لذا فلصاحبها وحده أن يتمسك بالإبطال وله
التخلي عنه بالإجازة ويتقادم حقه إذا لم يتمسك به صاحبه مدة من الزمن.
*وهناك أحكام
خاصة لمخالفة النظام العام الاجتماعي وتبرز فيها أهمية دور القاضي حيث يستطيع
أحياناً تقرير البطلان ولو لم يوجد نص يقضي به ويسميها فيلالي Nullité virtuelle.
ثالثاً:
البطلان نوع واحد.
ودافع عنه
السنهوري بقوله: " لا توجد هناك ثلاث أحوال للعقد مستقلة بعضها عن بعض: الصحة
والبطلان النسبي والبطلان المطلق، بل توجد حالتان: الصحة والبطلان المطلق، والعقد
الباطل بطلان نسبي هو عقد يمر على هاتين الحالتين واحدة بعد الأخرى، فهو متميز عن
العقد الصحيح الذي لا يمر إلا على حالة والصحة، ومتميز عن العقد الباطل بطلان مطلق
الذي لا يمر إلا على حالة البطلان، ولكن إذا كان العقد الباطل بطلان نسبي متميز
على هذا النحو، فالبطلان النسبي نفسه ليس حالة قائمة بذاتها بين الصحة والبطلان
المطلق"، وبعبارة أخرى ينعقد العقد الباطل بطلان نسبي صحيحاً وينتج آثاره إلى
أن يكتشف العيب، وعندها يختار المتعاقد بين أمرين: إما أن يتمسك بالعقد رغم
قابليته للإبطال فيظل صحيح ويتم تنفيذه، وإما أن يطعن في العقد بالإبطال وهنا يبطل
العقد وتزول آثاره ويصبح مثله مثل العقد الباطل بطلان مطلق، وعليه فلا حاجة
للتمييز بينهما، وهو رأي غير راجح لأن لكل نوع نظامه القانوني ويخضع لأحكام خاصة
به.
الفرع الثاني:
موقــــــــــــــــــــــف
المشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرع.
يتضح من أحكام المواد
من 99 إلى 105 ق.م أن المشرع اعتمد التقسيم الثنائي، حيث ذكر الإبطال ( 99 إلى
101) ذاكراً أنه يزول بالإجازة ويسقط بالتقادم، ومن المادة 101 ق.م حالات القابلية
للإبطال هي: نقص الأهلية، عيوب الرضا وما ورد فيها هو تذكير بالمواد: 80، 81، 86،
88، 90 ق.م التي تنص بقابلية العقد للإبطال في حالات: نقص الأهلية، الغلط،
التدليس، الإكراه والاستغلال.
وعالجت المادة
102 ق.م البطلان المطلق فنصت على جواز التمسك ببطلان العقد لكل ذي مصلحة، وللمحكمة
أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها، وأن الإجازة لا تلحق البطلان المطلق، وسقوط دعوى
البطلان بالتقادم.
ويتضح من
الأحكام الواردة في المواد من 92 إلى 98 والمادة 418 ق.م أن البطلان المطلق يلحق
العقد الذي يتخلف فيه ركن من أركانه ومنها: الرضا، المحل، السبب والشكلية أو لعدم
مشروعية المحل أو السبب، وخصص المشرع المواد من 103 إلى 105 للأحكام المشتركة بين
البطلان النسبي والبطلان المطلق، وقد أخذ المشرع التقسيم الثنائي معتمداً على
معيار التفرقة وهو المصلحة العامة أساس للبطلان المطلق، والمصلحة الخاصة أساس
للبطلان النسبي.
المبحث الثاني:
تقريـــــــــــــــــــــــــــــــــر
البطــــــــــــــــــــــــــــلان.
كيفية تدخل
القاضي وحق التمسك بهما، وكيفية زوال هذا الحق
المطلب الأول:
تــــــــــــــــــــدخل
القــــــــــــــــــــــــــــاضـــــــــــــــــي.
العقد الباطل بطلان
مطلق منعدم الوجود فلا حاجة إذن لتدخل القضاء لتقرير البطلان، ولكن قد يدعي أحد
الطرفين صحة العقد فيطالب الآخر بالتنفيذ، أو قد ينفذ العقد ثم يتبين للمتعاقد أن
العقد باطل فيطالب باسترداد ما أداه، فإذا نازع المتعاقد معه في هذه الطلبات يصبح
تدخل القاضي أمر حتمي.
أما بالنسبة
للعقد القابل للإبطال فهو صحيح ما لم يتقرر إبطاله اتفاقاً أو قضاءاً، ويتدخل
القضاء لتقرير البطلان عن طريق دعوى البطلان أو عند الدفع بالبطلان.
الفرع الأول:
دعوى البطلان أو الإبطال.
يتقرر البطلان
عن طريق الدعوى الرئيسية التي يرفعها المدعي أمام المحكمة، فله أن يطعن في صحة
العقد بواسطة دعوى قضائية تهدف إلى تقرير البطلان أو الإبطال، حسب شروط وأحكام
الدعوى المواد: 03، 14 ق إ م إ، التي تشترط على وجه الخصوص الصفة والمصلحة م 14 ق
إ م إ.
الفرع الثاني:
الدفع بالبطلان أو الإبطال.
قد لا يبادر المتعاقد
بالطعن في صحة العقد ظاناً أن المتعاقد معه لا ينازع في بطلان أو إبطال العقد، لكن
إذا اتضح بعد ذلك أن المتعاقد معه يدعي صحة العقد ويطالب قضائياً بتنفيذه
فللمتعاقد الآخر في هذه الحالة أن يكتفي بالدفع بالبطلان أو إبطال العقد، وبعبارة
أخرى إذا قام المتعاقد معه برفع دعوى أمام المحكمة طالباً تنفيذ العقد، يكتفي
المتعاقد المدعى عليه بالاحتجاج ببطلان العقد في دفاعه، فعلى عكس الدعوى الرئيسية
يطالب المدعي أمام القضاء بتنفيذ العقد زاعماً صحته، بينما يدفع المدعى عليه رداً
على طلب المدعي ببطلان أو إبطال العقد، وإذا تبين للقاضي أن العقد باطل أو قابل
للإبطال فإنه سيقضي بذلك ويرفض دعوى المدعي.
المطلب الثاني:
حق التمسك بالبطلان.
إذا كان
القانون قد أقرّ لكل ذي مصلحة التمسك بدعوى البطلان فإن حق الإبطال يقتصر على
المتعاقد الذي يقرر لمصلحته هذا الحق.
الفرع الأول:
حق التمسك بدعوى البطلان.
المادة 102 ق.م
قررت أنه لكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
1-المصلحة
قوام التمسك بالبطلان.
العقد الباطل
هو عقد منعدم الوجود قانوناً لتخلف ركن أو عدم مشروعية السبب أو المحل، ومعيار
البطلان المطلق هو المصلحة العامة وعليه يكون لكل ذي مصلحة التمسك ببطلان العقد
ولا يقتصر على المتعاقدين أو من يقوم مقامهما، بل أيضاً الخلف الخاص والدائنين
والغير شرط أن يكون لهؤلاء مصلحة مشروعة في بطلان العقد ويراد بها المصلحة التي
تستند إلى حق يتأثر بصحة العقد أو بطلانه.
ويتوفر شرط
المصلحة المشروعة كلما ادعى الشخص حقاً، ووقع إعتداء على هذا الحق بسبب العقد
المراد إبطاله، أما إذا انعدمت المصلحة لانعدام الحق أو كانت غير مشروعة كالتعسف
في استعمال الحق فلا يجوز التمسك بدعوى البطلان، كتمسك التاجر بدعوى بطلان عقد
الشركة ليتخلص من المنافسة، ولكل ذي مصلحة التمسك ببطلان العقد عن طريق الدعوى
الرئيسية أو الدفع بالبطلان، وفي أي مرحلة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام
المجلس أو المحكمة العليا.
ومن بين
الأشخاص الذي قد تكون لهم مصلحة في بطلان العقد: الخلف العام، والخاص، والدائنون
والنائب العام، والنقابات والجمعيات...إلخ، وعلى أي حال فالعبرة ليست بالصفة التي
يكتسبها الشخص وإنما بالمصلحة التي يدعيها لإبطال العقد.
2-المحكمة: حسب المادة 102 ق.م للمحكمة أن تقضي من
تلقاء نفسها ببطلان العقد، ويجوز للقضاة القضاء ببطلان العقد ولو لم ينازع فيه أو
يطالب المتخاصمان بذلك.
الفرع الثاني:
حق التمسك بإبطال العقد.
تنص المادة 99
ق.م أنه: " إذا جعل القانون لأحد المتعاقدين حقاً في إبطال العقد فليس
للمتعاقد الآخر أن يتمسك بهذا الحق"، وهذا الحكم نتيجة منطقية وحتمية يرتبها
البطلان النسبي، لأنه يتعلق بمصلحة خاصة فيكون حق الإبطال قاصراً على صاحب المصلحة
أو من يقوم مقامه.
1-المتعاقد:
حق الإبطال هو حق للمتعاقد الذي تقرر
الإبطال لصالحه دون المتعاقد معه، ولا الغير، كأن يكون وقع في غلط أو تدليس، وتمنع
خصوصية هذا الحق المحكمة من الحكم بالإبطال من تلقاء نفسها وليس للغير أن يحتج به،
وقد يكون الحق مقرر لكلا المتعاقدين كإبرام عقد من قبل قاصرين.
2-القائم
مقام المتعاقد: إلى جانب
حالات النيابة القانونية هناك ثلاث أوضاع وهي الخلف العام والخلف الخاص والدائنون
العاديون. فللخلف العام أن يتمسك بإبطال العقد لكونه يحل محل السلف، وقد يمنح القانون
في بعض الحالات للوارث حق شخصي حيث يتمتع بدعوى مباشرة ( 408 ق.م).
وللخلف الخاص
لتمسك بالإبطال بموجب دعوى غير مباشرة 189 ق.م وهو الراجح، وكذلك الدائن العادي.
المطلب الثالث:
إنقضـــــــــــــــاء حـــــــــق الإبطــــــــــــــال.
يزول حق
الإبطال بالإجازة ويسقط بالتقادم ما لم يكن قبول الدعوى مقيداً استثناء بأجل مسقط.
1-الإجازة:
حسب م 100 ق.م يزول حق إبطال العقد بالإجازة
الصريحة أو الضمنية، وتستند الإجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد، دون الإخلال
بحقوق الغير".
تعريف
الإجازة: وهي تنازل المتعاقد عن حقه في طلب إبطال
العقد، فهي تصرف قانوني من جانب واحد يتنازل بمقتضاه المجيز عن حقه في إبطال
العقد، ويجب تفادي الخلط بين الإجازة والإقرار حيث أن الإقرار هو عمل قانوني يجعل
العقد نافذاً إلا أنه يتميز عن الإجازة كونه صادر من الغير، بينما الإجازة من
المتعاقد الذي تقرر الإبطال لمصلحته، والإقرار يرد على عقد صحيح في حين الإجازة
ترد على عقد قابل للإبطال، وأثر الإقرار هو نفاذ العقد في حق المقر أما الإجازة
فأثرها زوال حق التمسك بالإبطال مثل الإقرار في بيع ملك الغير ( م 398 ق.م).
والإجازة
نوعان: صريحة وضمنية، وتكون صريحة إذا انصرفت إرادة المجيز إلى إجازة العقد فيقوم
بالتصرف القانوني بقصد التنازل صراحة عن حقه في الإبطال، ويكون غرض التصرف هو
التنازل عن إبطال العقد لا غير، وقد تكون كتابة أو الكلام أو الإشارة، وتكون
الإجازة ضمنية لما تنصرف إرادة المتعاقد إلى أمر آخر يفهم منه أن المتعاقد تنازل
عن حقه في إبطال العقد، كأن يقوم المتعاقد بتنفيذ العقد القابل للإبطال، فالغرض
الذي انصرفت إليه إرادته هو تنفيذ العقد لا إجازته ولكن لما كان العقد قابل
للإبطال ومع ذلك شرع في تنفيذه يفهم من هذا الموقف أن المتعاقد قد تنازل عن حقه في
إبطال العقد.
شروط
الإجازة: تقتضي توافر ثلاث شروط موضوعية:
-أن يكون العقد
قابل للإبطال وعلم المتعاقد بذلك وزوال العيب المبطل للعقد.
-الإجازة لا
تلحق العقد الباطل بطلان مطلق (102 ق.م)، ويجب أن يكون عالم بالبطلان النسبي عند
التنفيذ وإلا لا تعد إجازة ضمنية.
*كما يبطل شرط
التنازل عن حق الإبطال المسبق فلا يعتد بمثل هذه الإجازة المسبقة.
-ولا يمكن
الإجازة إلا بعد زوال العيب المبطل للعقد كالإكراه أو نقص الأهلية.
آثار
الإجازة: يترتب على الإجازة زوال حق المجيز التمسك
بالإبطال فيستقر العقد صحيح غير مهدد بالزوال ومرتب لكل آثاره من يوم إبرام العقد
( م 100 ق.م) أي بأثر رجعي على ألا يضر بحقوق الغير أي أنها تسري في حق الغير
والمقصود به الخلف الخاص.
2-التقادم: تنص المادة 102 ق.م على أنه: "يسقط
الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال خمس سنوات...".
أ-مفهوم
التقادم: يترتب على التقادم إنقضاء الحق فلا يمكن
المطالبة به، فالتقادم هو صورة من صور انقضاء الإلتزام بالنسبة للمدين، وهو صورة
من صور سقوط الحق بالنسبة للدائن، والالتزام الذي يلحقه التقادم يتحول إلى التزام
طبيعي فيصبح غير قابل للتنفيذ الجبري.
ويتحقق التقادم
عند امتناع الدائن من مطالبة المدين بالوفاء خلال المدة الزمنية المحددة قانوناً
لذلك، مع مراعاة الشروط القانونية لاسيما تلك المتعلقة ببداية سريان التقادم
وكيفية احتسابها والظروف التي ينقطع بسببها التقادم أو يتوقف، ويستند التقادم لعدة
اعتبارات منها المصلحة العامة ومنها ما دون ذلك، فالتقادم هو جزاء تهاون الشخص
الذي امتنع مدة من الزمن عن التمسك بحقه وهو من مقتضيات استقرار المعاملات من
إبقاء الأوضاع القانونية المكتسبة منذ مدة، والتي لم يبادر صاحب الحق إلى إنهائها،
وقد يتوخى من التقادم وضع حد لأوضاع قانونية غامضة وغير مستقرة.
ويعتبر الدفع
بالتقادم من المسائل الخاصة، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بالتقادم تلقائياً، بينما
يستطيع المتعاقد المعني بالأمر أن يتمسك به في أي حالة من حالات الدعوى، ولا يمكن
التنازل عنه إلا بعد ثبوت الحق فيه.
ب-مدة
التقادم: حددها المشرع بالنسبة للحق في إبطال العقد
بـ 5 سنوات من يوم:
-اكتشاف الغلط
أو التدليس بالنسبة للمتعاقد الذي وقع فيه؛
-انقطاع
الإكراه للمكره؛
-زوال نقص
الأهلية؛
-وقيد المشرع
هذا الأجل بشرط ثاني وهو عدم تجاوز 10 سنوات من يوم إبرام العقد، فتكون العبرة
بخمس سنوات إنطلاقاً من اليوم المشار إليه أعلاه إذا لم تمر 10 سنوات على إبرام
العقد.
ويسقط حق
التقادم حينذاك بأقل الأجلين.
*ومدة التقادم
قابلة للانقطاع والوقوف على خلاف أجل الإسقاط ( م 308 ق.م).
ج-أثار
التقادم: يترتب على تقادم حق الإبطال سقوطه، حيث لا
يمكن الطعن في العقد بالإبطال، فيبقى العقد صحيحاً ملزماً للمتعاقد الذي وقع في
غلط أو تدليس.
وطبق المادة
100 ق.م التقادم يلحق حق الإبطال وليس دعوى الإبطال، وعليه يترتب على تقادم الحق
عدم جواز المطالبة به وكذا استحالة الدفع به، وأخذ المشرع في بعض الحالات بسقوط
دعوى الإبطال إذا لم ترفع في الأجل المحدد.
3-سقوط
دعوى الإبطال: على خلاف
العيوب الأخرى، ففي الاستغلال طبق المادة 90 ق.م يجب أن ترفع الدعوى خلال سنة من
تاريخ العقد وإلا كانت غير مقبولة.
ومواعيد سقوط
الدعوى تختلف عن تقادم الحق من حيث الغرض والأحكام، فإذا كان الغرض من التقادم هو
تأكيد أو انقضاء مركز قانوني أو واقعي، فمواعيد السقوط هي مواعيد يجب أن يباشر
صاحب الحق دعواه خلالها وإلا سقط حقه في رفعها، ومن ناحية الأحكام فالانقطاع
والوقوف لا يردان على ميعاد السقوط الذي يسري من يوم إبرام العقد، ويتميز بقصر
أجله-سنة على العموم-وخلافاً للطابع الاستثنائي لسقوط دعوى الإبطال بدل تقادم حق
الإبطال فإن الأصل في البطلان هو سقوط دعوى البطلان.
الفرع الثالث:
سقوط دعوى البطلان.
العقد الباطل
بطلان مطلق لا تلحقه إجازة ولا ينقلب صحيحاً مع مرور الزمن وهو راجع لسبب منطقي
وهو أن العقد منعدم قانوناً لكونه لم يستكمل كل أركانه أو أن محله أو سببه غير
مشروع، وهو ما يبرر سقوط دعوى البطلان بالتقادم دون الدفع بالبطلان فإذا مضى على
العقد 15 سنة لا يمكن التمسك بدعوى البطلان بسبب سقوطها بالتقادم، وهذا لا يعني أن
العقد الباطل ينقلب صحيحاً بل يبقى لكل ذي مصلحة الدفع بالبطلان عوض الدعوى الرئيسية.
المبحث الثالث:
آثار تقرير البطلان.
رغم اختلاف
أحكام البطلان المطلق والنسبي إلا أن لهما نفس الأثر وهو زوال العقد وكل ما ترتب
عنه من آثار، ما لم يتطلب الصالح العام الإبقاء على بعضها، على أن يصبح العقد
الباطل حينها مجرد واقعة قانونية.
المطلب الأول:
مبدأ زوال العقــــــــــــــــــــــد.
يترتب على
تقرير البطلان أو الإبطال زوال العقد كلياً وهذا من يوم إبرامه أي بأثر رجعي.
الفرع الأول:
الزوال الكلي للعقد.
إذا تقرر بطلان
العقد أو إبطاله فإنه يزول كليةً، حيث ينعدم تماماً ويصبح كأنه لم يكن ولم يوجد
أصلاً، فالحقوق والواجبات التي رتبها أو كان يرتبها تزول عن آخرها، وهذا أمر طبيعي
بالنسبة للعقد الباطل بطلان مطلق كونه لم ينعقد تماماً وعليه فأطرافه لم يكتسبوا
حقوقاً ولم يتحملوا التزامات، أما العقد القابل للإبطال فهو ينعقد صحيحاً ويكسب
أطرافه حقوق ويحملهم التزامات، وتقرير الإبطال يزيل هذه الحقوق والواجبات من يوم
إبرامه.
الفرع الثاني:
زوال العقد بأثر رجعي.
يفيد تقرير
الإبطال أو البطلان انعدام العقد ليس مستقبلاً فقط، بل من يوم إبرامه، أي بأثر
رجعي، ويقتضي انسحاب آثار البطلان إلى يوم إبرام العقد إعادة المتعاقدين إلى الحالة
التي كانا عليها قبل إبرامه وكذلك الغير الذي اكتسب حقاً من أحد المتعاقدين.
1-إعادة
المتعاقدين للحالة التي كانا عليها.
تنص المادة 103
ق.م أنه: "يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد في حالة
بطلان العقد أو إبطاله، فإن كان هذا مستحيلاً جاز الحكم بتعويض معادل...غير أنه لا
يلزم ناقص الأهلية إذا أبطل العقد لنقص أهليته إلا برد غير ما عاد عليه من منفعة
بسبب تنفيذ العقد...يحرم من الاسترداد في حالة بطلان العقد من تسبب في عدم
مشروعيته أو كان عالماً به".
2-سقوط
حقوق الغير.
لا يقتصر أثر
تقرير البطلان أو الإبطال على المتعاقدين فقط، بل يسري في حق الغير، والغير هو كل
من تتأثر حقوقه بصحة أو بطلان عقد لم يكن طرفاً فيه (الخلف الخاص).
المطلب الثاني:
الآثار العرضية للعقد الباطل: العقد واقعة
قانونية.
قد يستحيل تجاهل
بعض الآثار التي يرتبها العقد الباطل، فنضطر للاعتداد بها وإلحاقها بالعقد
باعتباره (واقعة قانونية) وليس "تصرف قانوني"، وأما مرد استحالة إزالة
بعض الآثار التي رتبها العقد الباطل، ومن ثمّ تجاهلها هي خطورة محو هذه الآثار على
الأطراف وعلى المجتمع، ومن الثابت أنه لا يمكن إلحاق هذه الآثار بالعقد لأنه منعدم الوجود بعدما تقرر بطلانه أو
إبطاله، وتلحق في مثل هذه الحالة هذه الآثار بالعقد الباطل كونه واقعة مادية وليس
تصرف قانوني، وتعتبر هذه الآثار عرضية لأن مصدرها القانون وليس إرادة المتعاقدين،
فتنسب للقانون وليس للعقد، ومن أمثلتها عقد الزواج الباطل فإذا تم الدخول وجبت
العدة ويثبت النسب رغم انعدام الزواج.
*ونشير في
الأخير أنه في بعض الأحيان يمكن إنقاذ العقد.
المبحث الرابع:
إنقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذ
العـــــــــــــــــــــــــــــقد.
يمكن عند توفر
بعض الشروط في العقد الباطل إنقاذه عن طريق تحويله أو إنقاصه.
المطلب الأول:
تحويل
العقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد.
تنص المادة 105
من القانون المدني أنه: "إذا كان العقد باطلاً أو قابل للإبطال وتوافرت فيه
أركان عقد آخر، فإن العقد يكون صحيحاً باعتباره العقد الذي توافرت أركانه، إذا
تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد"، ويمكن من خلال هذا
الحكم الاستثنائي تجنب زوال كل أثر للعقد الباطل أو القابل للإبطال حيث يحول إلى
عقد صحيح، لم يعرف القانون الفرنسي نظرية التحويل هذه وأخذها المشرع من القانون
الألماني وقوامها استقرار المعاملات عن طريق إنقاذ العقد (شروطها وآثارها).
الفرع الأول:
شروط تحويل العقد.
وتقتضي ثلاث
شروط: أن يكون العقد باطل، أن يتضمن أركان عقد آخر، وأن تنصرف إرادة المتعاقدين
للعقد الصحيح.
1-بطلان
العقد: لا مجال لتحويل العقد ما لم يكن باطل بطلان
مطلق أو قابل للإبطال، وتم تقرير إبطاله، لأن نظرية تحويل العقد لا تعني العقد
الصحيح، ويجب أن يكون البطلان كلي لا جزئي لأنه يمكن إنقاص العقد لا تحويله حال
البطلان الجزئي.
2-توفر
عناصر العقد الجديد: لا
يمكن تحويل العقد الباطل ما لم يتضمن عناصر العقد الجديد حيث يكون العقد الجديد
عقداً كاملاً دون إضافة أي عنصر، أما إذا تخلف أحد العناصر فلا يجوز استكماله بغية
تحويله، ويتمثل تحويل العقد في استبدال العقد الباطل بعقد جديد صحيح يكون قد تضمنه
العقد الباطل.
3-انصراف
إرادة المتعاقدين إلى العقد الصحيح: والمقصود به هو تبين الإرادة المحتملة للمتعاقدين في حالة
بطلان العقد الأصلي، ويجب استنتاج رغبة المتعاقدين في التمسك بالعقد الجديد بعدما
تبين لهما أن العقد الأصلي باطل، ولا شك في أن الإرادة الحقيقية انصرفت إلى العقد
الأصلي، وبالتالي يجب الرجوع إلى إرادتهما المحتملة، مثل ما يمكن تصورها عند بطلان
العقد الأصلي.
-يتدخل المشرع
أحياناً ليقضي بتحويل العقد الباطل بقوة القانون دون حاجة إلى تحقق الشروط، ومنه
ما نصت عليه المادة 204 من قانون الأسرة: "الهبة في مرض الموت أو الأمراض أو
الحالات المخيفة تعتبر وصية"، وكذا المادة 776 ق.م "كل تصرف قانوني يصدر
عن شخص في حال مرض الموت بقصد التبرع يعتبر تبرعاً مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري
عليه أحكام الوصية".
الفرع الثاني:
آثار تحويـــــــــــــــــــــــــل
العقـــــــــــــــــــــــــد.
إذا تم تحويل
العقد الباطل، وهو العقد الأصلي يصبح هذا الأخير منعدم الوجود، ويعتبر كأنه لم
يكن، بينما يرتب العقد الجديد وهو العقد الصحيح كل آثاره.
المطلب الثاني:
إنقــــــــــــــــــــــــــــــــــــاص
العقـــــــــــــــــــــــــــد.
نصت المادة 104
ق.م أنه: "إذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابل للإبطال فهذا الشق وحده هو
الذي يبطل، إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلاً أو
قابلاً للإبطال فيبطل العقد كله"، إن المقصود بنظرية إنقاص العقد هو إنقاص
شقه الباطل، وإبقاء العقد صحيحاً بشقه الآخر وتسمى كذلك بالبطلان الجزئي، حيث يبطل
جزء من العقد دون الجزء الآخر الذي يبقى صحيحاً ومرتباً لكل آثاره، ويخضع الإنقاص
لشروط وله آثار.
الفرع الأول:
شروط إنقاص العقــــــــــــــــــد.
لابد من تحقق
ثلاثة شروط وهي: أن يكون العقد باطلاً في شق منه فقط، وأن يكون العقد قابل
للانقسام، وأن يكون الشق الباطل غير مؤثر.
1-بطلان
شق من العقد: إذا كان العقد
صحيحاً في كل بنوده أو باطلاً بأكمله، فلا حاجة ولا فائدة من إنقاصه، حيث يكون في
الحالة الأولى صحيحاً ويكون باطلاً كلياً في الحالة الثانية وهذا إذا تعذر تحويله.
ويعتد بالإنقاص
إذا كان العقد باطلاً في بند من بنوده أو في جزء منه فقط، ويحدث هذا إذا تضمن
العقد شرطاً أو بعض الشروط المخالفة للقانون كالشرط الذي يقضي بسقوط حق المؤمن له
بسبب تأخره في التصريح بالحادث ( 622 ق.م)، أو الشرط الذي يقضي بإعفاء المهندس
المعماري أو المقاول من الضمان أو الحد أو الإنقاص منه ( 556 ق.م)، أو الشرط الذي
يسقط أو ينقص من الضمان عندما يتعمد البائع إخفاء عيب في المبيع غشاً منه ( 384
ق.م).
2-قابلية
العقد للانقسام: يقتضي
الإنقاص قابلية العقد للانقسام، وقد نصت المادة 236 ق.م أنه: "لا يقبل
الالتزام الانقسام...إذا ورد على محل لا يقبل الانقسام بطبيعته...إذا تبين من غرض
الطرفين أن تنفيذ الالتزام لا ينقسم، أو إذا انصرفت نيتهم إلى ذلك"، ويكون
العقد عموماً قابل للانقسام إذا كان سقوط الجزء الباطل منه لا ينال من تكييف
العقد، فلا يغير من طبيعته القانونية، كإبطال الشرط الذي يسقط حق المؤمن له في
التعويض ( م 622 ق.م)، فلا ينال من تكييف العقد الذي يبقى عقد تأمين، أما إذا كان
الإنقاص يغير من طبيعة العقد فيكون غير قابل للانقسام، وقد نصت المادة 426
"إذا وقع الاتفاق على أن أحد الشركاء لا يسهم في أرباح الشركة ولا في خسائرها
كان عقد الشركة باطلاً"، إن مثل هذا الشرط ينال من طبيعة عقد الشركة، الذي
يقوم أساساً على اقتسام الربح والخسارة طبق المادة 426 ق.م.
وقد يكون العقد
كذلك غير قابل للانقسام بمقتضى القانون كما جاء في المادة 466 "الصلح لا
يتجزأ فبطلان جزء منه يقتضي بطلان العقد كله...".
3-الشق
الباطل غير مؤثر: يجب ألا يكون
الشق الباطل هو الدافع للتعاقد، ولا يجوز إنقاص العقد إذا كان الشق الباطل هو الذي
حمل المتعاقد على إبرامه، ولا ينقص الجزء الباطل من العقد دون الجزء الآخر إلا إذا
كان ذلك لا يؤثر على رضاء المتعاقد في إبرام العقد، فإذا كان إنقاص الشرط القاضي
بسقوط حق المؤمن له في التعويض لا يؤثر على رضاء المتعاقد في إبرام العقد، يجوز
إنقاصه، أما إذا كان هذا الشرط رئيسياً أي لولاه لما أبرم العقد فلا يجوز إنقاصه.
ويكون تقدير
درجة تأثير الشق الباطل بالرجوع إلى سلوك الرجل العادي، لأن الغرض من نظرية
الإنقاص هو ضمان استقرار المعاملات على حساب أنانية المتعاقدين، وفي هذا السياق
يقضي المشرع أحياناً بإنقاص العقد بقوة القانون دون مراعاة الشروط السالفة، ونصت
في هذا الشأن المادة 110 ق.م أنه: "إذا تم العقد بطريق الإذعان وكان قد تضمن
شروط تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن
منها...".
الفرع الثاني:
آثــــــــــــــــــار الإنقــــــــــــــــاص.
بعد إنقاص
العقد يكون الشق الباطل منعدماً وكأنه لم يكن، ولا يرتب أي أثر، فعند إبطال شرط
سقوط ضمان المهندس أو المقاول ( م 556 ق.م)، فإنهما يلتزمان بالضمان متى توافرت
شروطه، أما بالنسبة للشق الصحيح فإنه يرتب كل آثاره القانونية الأصلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق